تتراكم الايام والاسابيع والاشهر وحتّى السنوات والفراغ الرئاسي يستوطن عندنا من دون مؤشرات جدّية الى انّ ثمة موعداً مضروباً لنهاية هذه الازمة الرئاسية التي يتوافر غير مؤشّر الى انّها قد تتجاوز بامتدادها الاطار الحالي الذي تدور ضمنه ليفتح الباب على ازمة قد يتعذر تقدير ابعادها.

لفت في كلام سماحة امين عام حزب الله السّيد حسن نصر الله اوّل من أمس السبت في «الذكرى العاشرة للنصر» في حرب تموز - آب 2016 تشديده على ان مرشحهم لرئاسة المجلس النيابي «الاكيد والقديم - الجديد هو الرئيس نبيه بري». كما اعترف سماحته (ضمناً) برئاسة الوزارة للرئيس سعد الحريري.

ونود ان نصارح الشركاء في الوطن المسلمين، حيثما كانوا، والى اي طرف انتموا ان المسيحيين في لبنان لم يعودوا يقبلون، بأي حال من الاحوال، ألاّ يجري عليهم ما يجري على الاخرين!

فدولة رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري استمع من دون ادنى شك الى قول السيد نصر الله حول رئاسة مجلس النواب. وبعد، ألم يطرح دولته على نفسه السؤال الاتي: اذا كان الطيفان الاكبران في الطائفة الشيعية الكريمة يقولان نبيه بري رئيسا لمجلس النواب، واذا كانت هذه المقولة ستأخذ طريقها، حتماً، الى التنفيذ، فلماذا لا يصح ذلك في المسيحيين عندما يجتمع الطيفان المسيحيان الاكبران، زعيما التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، على ان يكون العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية؟

وكيف يمكن تسويق هذا «التمييز» الفادح في التعامل الوطني الميثاقي بين طائفة وطائفة؟!

لماذا يكون صيف وشتاء على السطح الوطني - الميثاقي الواحد؟

ولماذا يكون الرئيس بري وسماحة السيد حسن نصر الله متوافقين (او اقله ان يكونا قابلين) بترئيس الشيخ سعد الحريري الحكومة، ولا يجمعان على القبول برئاسة الجنرال؟

والسؤال بل الاسئلة ذاتها التي سقناها اعلاه هي ايضا برسم دولة الرئيس فؤاد السنيورة.

وبأي حق يستطع هذا الطيف او ذاك ان يجرّد المسيحيين ممّا يعتبره غير المسيحيين حقاً ميثاقياً لهم؟!

وهل لا تزال «البورة من النصراني»؟

كان لمصطفى آغا بربر «محوطة» زيتون في منطقة الكورة، غربي نهر ابو علي، بينما هو كان يقيم شرقي النهر في «الزاوية»، وتحديدا في قرية «ايعال» حيث ابتنى لنفسه قلعة لا تزال، حتى اليوم، شاهدا تاريخيا على تلك الحقبة. وهو أوكل الى ثلاثة فلاحين أنّ يحرثوا ارض تلك «المحوطة» وصدف ان احدهم كان مسيحيا، أمّا الاثنان الاخران فمسلمان، وقد استهتر الاخيران بالحراثة فكانا يتركان مسافة واسعة بين الثلم والثلم الاخر... اما الفلاح المسيحي فكان منضبطا ويجيد عمله بحرفية وضمير. وعندما تفقد مصطفى آغا بربر الارض اكتشف سوء الحراثة واستدعى الفلاحين الثلاثة لاخضاعهم الى المحاسبة. فما كان من الفلاحين المهملين إلاّ ان قالا، بعد تواطؤ بينهما: «يا مولانا كل البورة من النصراني»!

وكان مصطفى آغا بربر على فراسة وذكاء حاد، فنظر في الوجوه الثلاثة، وادرك الحقيقة، فأنزل العقوبات الصارمة بمستحقيها وقرّب اليه الفلاح الثالث...